هل تساءلت يومًا: هل الحاسوب الجاهز الذي تشتريه من المتجر يعطيك فعلاً الأداء الذي تحتاجه؟ أم أنك تدفع مالًا إضافيًا مقابل ميزات لا تستفيد منها؟ في كثير من الأحيان، تكون الأجهزة الجاهزة مصممة لتلبية الحد الأدنى من متطلبات السوق العام، مما يؤدي إلى ما يُعرف بـ "الاختناق التقني" (Bottleneck) حيث تضعف إحدى القطع من أداء القطع القوية الأخرى.

 كيف تختار قطع PC المناسبة لتجميع جهازك المثالي؟

التحكم الكامل في القوة والتكلفة والجودة

في السنوات الأخيرة أصبح تجميع الـ PC خيارًا شائعًا بين المستخدمين، ليس فقط لمحبي الألعاب الذين يسعون لأعلى معدلات إطارات (FPS)، بل لكل من يريد جهازاً مخصصًا بدقة لاحتياجاته، سواء للعمل الاحترافي أو الإبداعي. السبب بسيط: عندما تختار القطع بنفسك، أنت تتحكم في كل شيء — في القوة، السعر، الجودة، وإمكانية الترقية مستقبلًا. هذا يضمن أن كل ريال يتم دفعه يذهب نحو الميزة التي تحتاجها فعلاً.

خارطة الطريق لبناء جهازك الخاص

دليل شامل خطوة بخطوة للمبتدئين 

هذا المقال سيُرشدك خطوة بخطوة لاختيار القطع المثالية لجهازك، حتى لو لم تكن لديك خبرة سابقة في التجميع. الهدف هو أن تفهم، وليس أن تحفظ. أن تختار بوعي، وليس بصدفة. وأن تحصل في النهاية على جهاز يُناسبك أنت، وليس جهازًا عامًا لا يعرف احتياجاتك. سننتقل من التخطيط الأولي إلى التفاصيل الفنية الدقيقة لكل مكون.

غالبًا الأجهزة المجمعة مسبقًا تتضمن قطعًا ثانوية رخيصة (مثل مزود طاقة ضعيف أو لوحة أم بسيطة)، مقابل تسويق “المعالج القوي” أو “كرت الشاشة الضخم”. هذا يعني أنك تدفع علاوة سعرية مقابل عملية التجميع نفسها وعلامة تجارية. في المقابل، عند التجميع بنفسك، يمكنك توزيع الميزانية بعقلانية، مستثمرًا النسبة الأكبر في القطع التي تؤثر مباشرة على أدائك المستهدف.

قابلية الترقية مستقبلًا

ضمان استمرارية الجهاز لسنوات طويلة

لا داعي لشراء جهاز جديد بالكامل بعد سنتين أو ثلاث. التجميع يمنحك المرونة لتحديث المكونات بشكل منفصل:

يمكنك ترقية الرام (RAM).

تغيير المعالج (CPU) إلى جيل أحدث (ضمن توافق المقبس).

تحديث كرت الشاشة (GPU) للحصول على أداء رسومي أعلى.

تحسين التبريد أو إضافة وحدات تخزين.

هذه المرونة تقلل التكلفة على المدى الطويل وتضمن أن جهازك يواكب أحدث المتطلبات التقنية.

جودة أعلى

اختيار قطع أصلية ذات أداء فائق

عندما تختار بنفسك، يمكنك الحصول على:

مزود طاقة قوي بمعيار كفاءة عالٍ (80+ Gold).

نظام تبريد جيد يحافظ على درجة حرارة القطع.

لوحة أم ذات عمر طويل ومكونات طاقة مستقرة (VRMs).

هذه المكونات الثانوية هي عماد استقرار الجهاز وعمره التشغيلي.

الخطوة الأولى — تحديد الهدف والميزانية

الأساس الذي يُبنى عليه اختيار القطع

قبل أن تختار أي قطعة، يجب أن تجيب عن سؤالين بسيطين يحددان كل الخيارات اللاحقة:

لماذا أريد هذا الجهاز؟ 

استخدامك يُحدد كل شيء وأين يجب أن يتركز إنفاقك:

للألعاب (Gaming): تركّز على: GPU ثم CPU. المعيار هو دقة اللعب (1080p, 1440p, 4K) ومعدل الإطارات المستهدف (60FPS, 144FPS, 240FPS). كرت الشاشة يجب أن يكون له الأولوية.

للمونتاج وتحرير الفيديو (Video Editing): أولوية لـ: CPU (لكثرة الأنوية)، ثم RAM، ثم سرعة التخزين SSD NVMe.

للتصميم الهندسي والبرمجة والتصفح: معالج متوسط + 16GB رام + SSD يكفي تمامًا، مع التركيز على راحة العين وشاشة ذات جودة عالية.

جهاز شامل لكل شيء (All-Rounder): توازن بين القطع دون تطرف في أي اتجاه، وغالباً ما يستقر الاختيار على معالجات الفئة المتوسطة العليا (i5 أو Ryzen 5).

ما هي ميزانيتي؟ 

توزيع الميزانية بنسب تقريبية

ضع رقمًا تقريبيًا — ليس شرطًا أن يكون دقيقًا. ثم وزّعه بالنسب المئوية التالية (مع العلم أن هذه النسب مرنة وتُضبط حسب الهدف):

كيف تختار كل قطعة؟ (القسم الأهم) 

 المعالج (CPU)

العقل المدبر ومحدد سرعة استجابة الجهاز

المعالج هو "العقل" الذي يُحدد سرعة الجهاز واستجابته، ويجب أن يتم اختياره بناءً على المنصة (Intel أو AMD) ونوع الاستخدام:

للاستخدام العادي: معالج متوسط الأداء (فئة Intel Core i5 أو AMD Ryzen 5) من الأجيال الحديثة مناسب جدًا.

للألعاب: اهتم بالجيل الجديد، والتردد (Clock Speed) العالي للنواة الواحدة، وعدد الأنوية الكافي لمنع حدوث "الاختناق" لكرت الشاشة.

للمونتاج والتصميم ثلاثي الأبعاد: عدد الأنوية (Cores) أهم من التردد. كلما زاد العدد، زادت القدرة على التعامل مع المشاريع الثقيلة وعمليات الرندر (Rendering) المعقدة.

ما يجب الانتباه له:

نوع المقبس (Socket): مثل AM5 لـ AMD أو LGA1700 لـ Intel. هذا يحدد توافقه مع اللوحة الأم.

وجود رسوميات مدمجة (Integrated Graphics): إذا كنت لا تخطط لاستخدام كرت شاشة منفصل، تأكد من أن المعالج يحتوي على رسوميات مدمجة (مثل معالجات Intel التي تنتهي بحرف K أو G).

كرت الشاشة (GPU)

محرك الأداء الرسومي والألعاب

القطعة الأكثر تأثيرًا على الأداء في الألعاب وعمليات الجرافيكس.

إذا كنت لاعبًا: ركز على: قوة الكرت (مثلاً فئة RTX 4000 أو Radeon RX 7000)، دعم تقنيات مثل DLSS أو FSR لتحسين الإطارات، وحجم الذاكرة (VRAM).

معادلة دقة الشاشة والكرت: لا تشتر كرتًا مخصصًا لدقة 4K إذا كانت شاشتك لا تدعم سوى 1080p أو 1440p بمعدل تحديث 60Hz. استثمر في التوازن بين الاثنين.

لأعباء العمل الاحترافية: بعض تطبيقات التصميم والذكاء الاصطناعي تفضل كروت NVIDIA نظرًا لدعمها القوي لـ CUDA.

ملاحظة مهمة: الـ VRAM (ذاكرة الكرت) أصبح مهمًا جدًا اليوم في الألعاب الحديثة ذات الدقة العالية، حاول ألّا يقل حجمها عن ٨GB.

اللوحة الأم (Motherboard)

الأساس الذي يربط ويحدد حدود الجهاز

الكثير يستهين بها، رغم أنها الأساس الذي يربط كل القطع ويحدد خيارات الترقية والـ Overclocking.

ما الذي يجب فحصه؟

نوع المقبس (Socket): يجب أن يتوافق 100% مع المعالج (مثلاً مقبس LGA1700 لمعالجات Intel الحالية).

الشريحة (Chipset): مثل Z790 (للاحترافيين والـ Overclocking) أو B760 (للفئة المتوسطة والممتازة للألعاب).

نوع الذواكر: هل تدعم DDR4 (أرخص وأكثر نضجاً) أم DDR5 (أسرع وأحدث)؟

منافذ التخزين: عدد منافذ M.2 NVMe المطلوبة لدعم أقراص SSD فائقة السرعة.

جودة تبريد الـ VRM: مهم جداً إذا كنت تخطط لاستخدام معالج قوي أو لكسر السرعة، حيث تضمن استقرار الطاقة.

خلاصة مهمة: اختر لوحة أم ذات جودة جيدة وميزات كافية، لا تحاول التوفير في هذا المكون على حساب الاستقرار.

الذاكرة العشوائية (RAM)

عامل السرعة في تعدد المهام

الذاكرة العشوائية هي مساحة العمل المؤقتة للمعالج.

الحد الأدنى حسب الاستخدام:

استخدام خفيف: ١٦GB (الحد الأدنى الحديث).

ألعاب قوية أو عمل متعدد (Multitasking): ٣٢GB (هو النقطة المثالية للقيمة مقابل الأداء).

مونتاج 4K أو مشاريع ضخمة: ٦٤GB أو أكثر.

ماذا عن السرعة؟

DDR5: كلما زادت السرعة كان أفضل (مثلاً 6000MHz فما فوق)، مع الانتباه إلى زمن التأخير (Latency) مثل CL30.

DDR4: يكفي 3200MHz إلى 3600MHz، فهي تحقق التوازن الجيد.

ملاحظة: تأكد من تشغيل خاصية XMP/EXPO في إعدادات اللوحة الأم للحصول على السرعة المعلن عنها للرام.

التخزين (SSD / HDD)

السرعة والكفاءة في تحميل النظام والبرامج

لا يوجد جهاز حديث يمكن أن يستغني عن SSD (Solid State Drive).

SSD NVMe (M.2): هو الخيار الأفضل لنظام التشغيل والبرامج والألعاب الرئيسية بسبب سرعته الهائلة (عادة ما تكون أسرع من SSD SATA بأضعاف).

HDD (القرص الصلب): لا يزال مفيدًا للتخزين الب massive للملفات الكبيرة والاحتياطية نظرًا لتكلفته المنخفضة للسعة.

السعة الموصى بها:

500GB SSD NVMe: حد أدنى للنظام والبرامج الأساسية.

1TB SSD NVMe: هو الأفضل والأكثر توازناً لمعظم المستخدمين.

مزود الطاقة (PSU)

مصدر استقرار وقوة الجهاز

الكثير يغفل هذه القطعة، رغم أنها الضمان الوحيد لسلامة واستقرار الجهاز. مزود الطاقة الرديء يمكن أن يتسبب في تلف باقي المكونات.

القدرة (Wattage): اختر مزود طاقة بقدرة أعلى من مجموع استهلاك جهازك بحدود ٢٠٪ على الأقل، لضمان الكفاءة والسماح بالترقيات المستقبلية.

الشهادة (Efficiency Rating): تأكّد من شهادة 80+ Bronze كحد أدنى، ويفضل 80+ Gold (أو أعلى) لأنها تعني كفاءة أعلى في تحويل الكهرباء وحرارة أقل.

الكابلات (Modular vs. Non-Modular): يفضل أن يكون Fully Modular (وحدات كابلات قابلة للفصل)، لتوصيل الكابلات التي تحتاجها فقط، مما يحسن التهوية.

الكيس (Case) والتبريد

أهمية التهوية للحفاظ على عمر القطع

العبرة ليست بالشكل الجمالي للكيس، بل بقدرته على توفير تدفق هواء فعال.

الكيس: ابحث عن: فتحات تهوية واسعة في الأمام والخلف، مساحة كافية لإدارة الكابلات، ودعم للمراوح ومبردات الماء الكبيرة (إذا احتجت).

التبريد:

التبريد الهوائي: خيار ممتاز للميزانية المتوسطة ويقدم أداء جيدًا للمعالجات غير المكسورة السرعة.

التبريد المائي (AIO): يقدم أداءً أفضل، خاصة للمعالجات القوية التي يتم كسر سرعتها، لكنه أغلى.

المبدأ: كلما زادت مساحة تدفق الهواء وفعالية التبريد، قلت حرارة القطع، وهذا يعني أداءً مستقراً وعمراً تشغيلياً أطول للجهاز.

كيف تحقّق التوازن ولا تضيّع أموالك؟

فن الموازنة بين قطع الهاردوير وتجنب الاختناق

لتجنب "الاختناق" (Bottlenecking):

إذا كان هدفك ألعاب: لا تشتري معالجًا فائق القوة (مثلاً i9) وتكتفي بكرت شاشة ضعيف (مثلاً RTX 3050). اجعل GPU هو الملك في ميزانية الألعاب.

إذا هدفك مونتاج أو إنتاج فيديو: استثمر بقوة في CPU + RAM + SSD، وقلل من قيمة كرت الشاشة إذا لم تكن تستخدمه في عمليات الرندر.

لا تبالغ: لا تشتري لوحة أم فئة Z (خاصة بكسر السرعة) إذا كان معالجك غير قابل لكسر السرعة (غير منتهي بحرف K).

التوافق مع الشاشة: لا تشتري كرت شاشة غالي مخصص لـ 144Hz إذا كانت شاشتك لا تدعم إلا 60Hz.

الأمان أولاً: لا تهمل مزود الطاقة. أبدًا.

خامساً: نصائح قبل الشراء

قائمة المراجعة النهائية قبل اتخاذ القرار

لضمان بناء جهاز خالٍ من المشاكل:

التوافق: تأكد من توافق جميع القطع (CPU، Motherboard، RAM) باستخدام مواقع تحليل التوافق المتخصصة مثل PCPartPicker. هذا الموقع يكشف أي تعارض فني قبل الشراء.

المراجعات: شاهد مراجعات حقيقية للقطع التي اخترتها على منصات مثل YouTube لمعرفة أدائها في ظروف واقعية.

السعر: تجنب القطع الأرخص دائمًا — خاصة مزودات الطاقة. عادةً ما تُباع القطع الرخيصة لأسباب تتعلق بالجودة المنخفضة.

التخطيط للترقية: فكر في مساحة اللوحة الأم لتركيب المزيد من الرام أو SSD مستقبلاً — لا تغلق كل المنافذ.

التجميع الذاتي: إذا لم تكن واثقاً من قدرتك على تجميع الجهاز، يمكنك شراء القطع وطلب خدمة التجميع من متجر محترف.

و في النهاية

التجميع هو الحرية في اختيار الأداء

اختيار قطع PC ليس معقّدًا كما يبدو، لكنه يحتاج وعيًا ودقّة في اتخاذ القرار، وإدراكًا لأولوياتك الحقيقية.

وحين تفهم دور كل قطعة، وأولويتها، وكيف تؤثر على استخدامك، ستتمكّن من بناء جهاز يناسبك تمامًا، ويخدمك لسنوات، ويقدم الأداء الذي تحتاجه دون إهدار للمال.

التجميع هو الحرية — الحرية في الاختيار، وفي تطوير جهازك، وفي الحصول على الأداء الذي تستحقه.

FAQ

هل تجميع PC صعب للمبتدئين؟

عملية التجميع نفسها ليست صعبة، لأن معظم القطع تركّب باتجاه واحد وتصميمها حديث وواضح. التحدّي الحقيقي هو اختيار القطع المتوافقة، وليس التركيب.

ما الفرق بين شراء جهاز جاهز وتجميع جهاز بنفسي؟

الأجهزة الجاهزة تمنحك سهولة وسرعة في الشراء، لكنك تدفع تكلفة أعلى مقابل قطع ثانوية أضعف. التجميع يمنحك حرية التحكم في كل قطعة، وأداء أعلى بنفس السعر تقريبًا.

ما هو الحد الأدنى المناسب من الذاكرة RAM في الوقت الحالي؟

الحد الأدنى الذي ننصح به هو ستة عشر جيجابايت، بينما الألعاب الحديثة والمونتاج والبرامج الثقيلة قد تتطلب اثنين وثلاثين جيجابايت أو أكثر.

كيف أعرف أن مزود الطاقة PSU مناسب لجهازي؟

ببساطة: يجب أن تكون قدرته أعلى من استهلاك جهازك بنسبة عشرين إلى ثلاثين بالمئة، ويُفضّل أن يحمل شهادة كفاءة 80+ Gold أو أعلى.

هل أختار SSD أم HDD؟ وما الأفضل؟

نوصي بالاعتماد على SSD NVMe كنظام رئيسي لتسريع الإقلاع وفتح البرامج، ويمكن إضافة HDD للتخزين الكبير. لا يفضل الاعتماد على HDD فقط في أي جهاز حديث.

هل يهم نوع اللوحة الأم طالما كانت متوافقة مع المعالج؟

نعم. اللوحة ليست مجرد "مقبس للمعالج"، بل تؤثر في جودة الطاقة، وسرعات التخزين، وإمكانية الترقية، وعدد المنافذ، وقدرتها على تحمّل الضغط.

كم أحتاج من VRAM في كرت الشاشة؟

للألعاب بدقة ألف وثمانين بيكسل يكفي ثمانية جيجابايت، بينما دقة ألف وأربعمئة وأربعين وأربعة كي تتطلب اثني عشر جيجابايت أو أكثر، خصوصًا في الألعاب الجديدة وبرامج التصميم.

هل يوجد فرق فعلي بين DDR4 و DDR5؟

نعم، DDR5 أسرع وأكثر ثباتًا، وتناسب الأجهزة التي تُخطط لتطويرها مستقبلاً. لكن DDR4 ما زالت خيارًا ممتازًا للميزانيات المتوسطة دون خسارة كبيرة في الأداء.

هل أحتاج تبريدًا مائيًا؟

التبريد المائي اختياري وليس ضرورة. إن كنت تستخدم معالجًا عالي الاستهلاك وتقوم بعمليات مونتاج أو ألعاب ثقيلة لفترات طويلة، فهو مفيد. أما المستخدم العادي فيكفيه التبريد الهوائي الجيد.

هل يمكنني ترقية الجهاز لاحقًا بسهولة؟

نعم إذا اخترت القطع المناسبة من البداية — خصوصًا اللوحة الأم ومزود الطاقة. يجب أن تترك مساحة للترقية مثل فتحات RAM إضافية، ومنافذ M.2، ودعم المعالجات المستقبلية.